الحيرة أمام الورقة البيضاء هي الحالة الطبيعية لطالب الرسم الذي يسأل نفسه: من أين أبدأ والجواب هو بالطبع البدء من حيث يبدأ أي طالب لأي نوع من المعرفة؛ فطالب اللغة مثلا يبدأ بالأحرف الابجدية اما طالب الرسم يبدا بالنقاط والخطوط والاشكال، فالرسم يبدا من النقطة الى الخط وبالتالي الى تكوين الاشكال البسيطة ثم الاشكال المركبة.
ولو تأملنا في مظهر الاشياء التي حولنا، لوجدنا خطوطها تتبدى لنا بأشكال مختلفة، فهي من النوع: مستقيمة أو منحنية أو منكسرة، ومن حيث الانتشار: افقية او مائلة او عمودية، ومن حيث الكثافة: رفيعة أو ثخينة أو متقطعة، ومن الشكل: مربعة أو مستطيلة، مثلثة أو دائرية، منشوريه أو مكعبة.
لكن الخطوط ليست اشكال تجريدية وحسب، فهي بالإضافة الى تكوينها للأشكال، توحي بمعان عدة، شعورية او لا شعورية، فما يخطه المرء يظهر بوضوح شخصيته، ومن هنا كان الخط بالنسبة للإنسان اداة للتعبير مثلما هو وسيلة للخلق الفني. فالخطوط المستقيمة تظهر التماسك وسرعة البديهة، وتعبر الخطوط المنحنية عن السعادة والرواء، وتبدي الخطوط المتعرجة والمنكسرة التباطؤ والانشغال، الاضطراب او العربدة، الارهاق او الغضب.
والآن دعونا نكتشف امكانيات الخطوط في رسم الاشكال البسيطة التي يسهل بعد اجادة رسمها، الانتقال الى رسم الاشكال الاكثر تعقيدا، وبالتالي الاكثر امتاعاً.
ولعله من المفيد ان نتذكر ان الخطوط المرسومة باليد هي أفضل من الناحية الفنية من الخطوط المرسومة بالأدوات الهندسية أو من الصور الملتقطة بواسطة آلة التصوير. زمع ان الدقة في الرسم شيء هام، لكنها ليست الغرض الوحيد، فالرسم كالكتابة يتطلب مرونة حيث اننا عندما نضع افكارنا في كلمات مكتوبة، لا نرسم الحروف بالمسطرة، بل ندع اليد حرة طليقة تخط الحروف بكل عفوية.
المرونة في الرسم تحتاج الى يد طيعة، وهذه لا تكون طيعة الا بالتمرين، لذلك يمكنك ان تعود يدك على رسم الصور الثابتة، او ان تختار انت بنفسك موضوعات من البيئة المحيطة بك. ولا تنسى ان تضع لرسومك اطارا، فالإطار يعطيها شكل اللوحة مهما كان الموضوع بسيطاً.