( مركز الإهتمام ، الوحدة "التراكب" ، التوازن ، الإيقاع ،العمق ، التأطير ).
مركز الاهتمام ( النقطة المحورية "المركزية" ) ، هو النقطة الرئيسية في الصورة التى تنجذب إليها العين مباشرةعين الناظر إلى داخل اللوحة ، و تسمى أيضا بالسيادة ؛ كالسيادة عن طريق التباين في الألوان ، حيث تسود المساحة اللونية القاتمة في وسط أبيض أو فاتح ، و العكس صحيح أيضا. و الصورة قد تضم مركزا واحدا للإهتمام ، أو عدّة مراكز موزعة بطريقة محسوبه فيها.
ففي الحاله الأولى تتوزع العناصر المرسومة حول مركز واحد , و في الحاله الثانيه , تتوزع مراكز متعدده و من المستحسن ألا تضم الصورة أكثر من مركز واحد للإهتمام ، فالفنان يضع المحترف مركز الإهتمام في نقطة قريبه من حافة الصورة ؛ إذ ليس من المرغوب فيه وضع مركز الاهتمام في وسطها إلا في حالات قليلة جدا.
و لتعين مركز الاهتمام في الصورة ، يرسم الفنان مستطيلا يمثل مساحة الصورة ، ثم يقسمه إلى تسعة مستطيلات متساوية ، فتتكون النقاط الأربع الداخلية التي تلتقي فيها خطوط التقسيم (المستقيمة) ، و هى مراكز اهتمام قوية توضع فيها العناصر الأكثر أهمية في الموضوع.
و تأسيسا على ما سبق ، لا يصح أن يرتكز خط الأفق في وسط الصورة ، لأنه في هذه الحالة سيقسمها إلى نصفين متساويين ، و هو أمر غير مرغوب فيه.
- ثانياً : الوحدة و " التراكب " :
و هي عبارة واسعة تشمل عناصر متعددة منها وحدة الشكل – الأسلوب الفني– الفكرة – الهدف من العمل الفني ، و تتم الوحدة في العمل الفني : عندما ينجح الفنان في تحقيق اعتبارين أساسيين :
- الأول : علاقة أجزاء العمل الفني بعضها ببعض.
- الثاني : علاقة كل جزء منها بالكل (الارتباط الوثيق بين العناصر) ؛ فالتشتت و الارتباك أضداد للوحدة , أننا لا نستطيع أن نجعل التشتت في فننا لأننا لا نستطيع أن نتحمله في أفكارنا و حياتنا بكل بساطه.
و لا تعني الوحدة التشابه بين كل أجزاء العمل الفني بل يمكن أن يكون هناك كثير من الاختلاف بين تلك الأجزاء , و لكن يجب أن تتجمع هذه الأجزاء معا فتصبح كتلة واحدة متماسكه. فالعمل الفني الجيد يتميز بوحدة ترابط العناصر المختلفة ، و هو يبدو من دون هذه الوحدة مفككا , و تتجلى وحدة العمل الفني بالإستخدام المناسب للخط و الشكل و الكتلة ، فضلا عن اللون والضوء.
أما التراكب ، فهو التعبير الذي نطلقة حين تعمل إحدى العناصر الداخلة في التكوين على إخفاء جزء من عنصر آخر يقع خلفها ، و هو وحدة التكوين. أما التكوين الغير مترابط فيكون كل عنصر على حِدى ، و لا يكون بينهما توافق ، حيث يتخذ مسار العين بين عناصر اللوحة شكلا مثلثا أو شكلا دائريا أو غير ذلك من الأشكال.
و تتجلى وحدة العمل الفني بالاستخدام المناسب للخط و الشكل و الكتلة و الفراغ و الأضواء و الظلال ، حيث يتشكل الخط مع كل فنان بحسب منهجه ، و هذا الخط يمكن أن يحصر شكلاً مرسوماً بقلم الرصاص أو بالريشة و الحبر أو بالفرشاة و اللون ؛ فالخط في العمل الفني لا يقتصر على ما هو مرئي ، بل إن العين أثناء متابعتها العناصر المرسومة تنشئ خطوط اتصال تربط بينها. و هذه الخطوط الوهمية الناشئة عن حركة العين ، ربما تكون أشد تأثيراً من الخطوط المرئية ؛ حيث يتخذ مسار العين بين عناصر الصورة شكلاً مثلثياً أو شكلاً دائرياً أو غير ذلك من الأشكال. و يستخدم الفنان هذه الأشكال ، بوعي أو من دون وعي ، لتكوين الرسوم ذات التأثير الجمالي السار.
يوحي الشكل المثلثي بالثبات الذي تتميز به الجبال الراسخة ، و هو يستخدم لتصوير المجموعات البشرية ، حيث يمكن إبراز الشخصية الهامة ، أو الشخصية الأكبر سناً ، بجعلها أكثر ارتفاعاً.
و يستطيع الشكل الدائري أن يحتفظ بانتباه المشاهد ، فالمجموعة المكونة من أشخاص أو أشياء بشكل دائري تحمل المشاهد على أن يطوف بنظره داخلها و لا يشرد خارجها.
أما الأشكال المختلفة لحرف ( L ) فهي توحي بالبعد عن الرسمية ، و هي أشكال مرنة مفيدة لتكوين المناظر الطبيعية ، حيث يمكن مثلاً ، تصوير شجرة ترتفع عمودياً ، بالقرب من حافة المنظر ، فوق مساحة من الأرض تمتد أفقياً.
و هنا لا بد أن نميز بين الشكل و الكتلة ، فنحن غالباً ما نخلط بينهما ؛ فالشكل يمثل المضمون الأساسي المراد التعبير عنه بالرسم ، أما الكتلة فهي التي تعطي صلابة الأشكال و تميزها عما يحيط بها.
وإذا كانت الخطوط و الأشكال تسود التكوين بما تحمله من قيم جمالية ، فإن الكتلة تستحوذ على الاهتمام بما لها من ثقل. كذلك يبرز ملمس الأشكال في الكتلة بالظلال التي توحي بالتباين بين الداكن و الفاتح.
و أنت كفنان لك نظرتك الفنية الثاقبة تستطيع إن تحس بوجود الوحدة أو بانعدامها إذا نظرت إلى أي عمل من أعمالك الفنية ومن خلال تثقيف بصرك واثراءة بمشاهدة الكثير من الأعمال الفنية والصور واللوحات وسترى شيئا فشيئا عمق ثقافتك البصرية ونموها وإيجاد الهدف الفني لكل عمل من أعمالك أو من ماتشاهده ترون في هذه الصورة مدى الوحدة بين عناصر العمل والتماسك بين أجزاء العمل وانسجامها جميعا ككتلة واحده تبحر في أعماق العمل من خلال جولة بصريه مستمتعا بما تحويه هذه الصورة من جمال وتدرك مدى الفكر الذي يحويه الفنان الذي التقط هذه الصورة.
- ثالثاً : التوازن ( أو الأتزان ) :
هو الحالة التي تتعادل فيها القوى المتضادة وهذه الحالة تبعث على الارتياح والسعادة في نفس الإنسان ، كما أن عكسها يبعث على القلق و الشعور بعدم الراحة ، و هو أحد العناصر الاساسية للقيم الجمالية فى العمل الفني ، والذي يعتبر من أسس التكوين في العمل الفني. و يتحقق التوازن فى الصورة إذا تماثلت أو توازنت عناصرها المرسومة ، و التوازن إما أن يكون تقليديا ، يشبه توازن الأشياء في كفتي الميزان أو يكون غير تقليدي ، يشبه توازن شخصين على طرفي أرجوحة.
في الصورة المتوازنه توازننا تقليديا تكون العناصر المرسومة في نصفها الأيمن متماثله أو متوازنه في نصفها الأيسر ، و هذا النوع من التوازن الذي يستخدم كثيرا في رسم الطبيعة الصامتة ، و يستخدمه الرسامون في رسم المنظر الطبيعي ، أو في رسم الأشخاص المتساوين في الأهميه.
يحدث التوازن غير التقليدي عندما تكون العناصر المرسومة في النصف الأيمن من الصورة غير متماثلة , أو غير متساويه في الثقل ، أو في قوة الجذب مع العناصر المرسومة في النصف الأيسر منها.
فالاتزان هو أن تأتي الأجزاء المرسومة حول النقطة الجوهرية متوازنة تماما ، ويسمى التكوين متوازنا إذا كان مقسما إلى أنصاف متعادلة في المظهر ، ونستطيع بحكم مشاهدتنا للتكوين الفني بتمعن أن نرى إن كان متوازنا ، إذا رأيناه مقسما إلى أنصاف متعادلة في المظهر.
و من المهم أن نعرف شيئا .. أننا لا يمكن أن نصل إلى تحقيق هذا الاتزان بمجموعة من القواعد التى نحفظها و نطبقها ، و لكن يصل إليها الفنان أو المتذوق الفني بإحساسه العميق بتنظيم العمل و اندماجه فيه.
و للاتزان في العمل الفني أربعه أنواع ، هى :
( متماثل ، غير متماثل ، مركزي ، و مستتر ) ؛ فإذا نظرت إلى صورة متوازنة توازناً متماثلاً وجدت أن العناصر في نصفها الأيمن تكاد تنطبق على العناصر في نصفها الأيسر ( أى التوازن الناتج من تماثل الاشكال الموجودة على طرفي اللوحة الايمن والايسر ). وإذا نظرت إلى صورة متوازنة توازناً غير متماثل وجدت أن العناصر فيها تتباين ، بحيث أنك إذا رسمت خطاً عمودياً في منتصفها لما وجدت أن النصفين ينطبقان كما هي الحال في التوازن المتماثل ( أى هو الحالة التي يظهر فيها التوازن دون أن يكون التطابق بين الجانبين كاملا فقد يكون هناك اختلاف من حيث اللون والشكل والملمس ).
و مع ذلك فإن هذا التوازن المستتر ، الذي يعطي الفنان حرية في التعبير أكثر مما يسمح به التوازن المتماثل ، يمكن الإحساس به ، وإن كان يصعب قياسه بالمسطرة ، ولذلك نقول أن التوازن المستتر ( الحسي ) هو التوازن الذي لا تحكمه قوانيين محددة و ثابتة ، بل هو شعور حسي يتأجج في نفس الإنسان عند مشاهدته الاعمال الفنية ، أما التوازن المحوري ( المركزي ) فهو التوازن الذي يتحقق من توزيع أشكال التكوين حول محور ما ، كأن تكون ( بقعة ) في اللوحة ، و غالبا ما تكون في وسط اللوحة ، و نشعر أنها هي الفاصلة في التكوين.
و يعتمد هذا النوع من التوازن غير الملحوظ على نظرية الروافع التي تجعل التوازن بين الأثقال متوقفاً على حجمها و بعدها أو قربها من نقطة الارتكاز. و لعل ميزان القبّان هو خير مثال على ذلك ، فالقبّان آلة توزن بها الأشياء عن طريق تحريك العيار باتجاه الطرف أو باتجاه وسط الآلة. و الفنان يستفيد من نقطة الانطلاق هذه ليوازن الكتلة الكبرى مع الكتلة الصغرى و المساحة قاتمة اللون مع المساحات الأخف لوناً.
فالصورة تظهر متزنة إذا كانت كل عناصرها موزعة توزيعاً متعادلا أي يسيطر على توزيعها قانون التعادل. فعوامل التجمع و التفريق ، و القاتم و الفاتح و الظل و النور و القوة و الضعف ، يتم توظيفها بشكل يريح الرائي و تشعره بتوازن العمل ؛ فأن تجمع مثلا القاتم في جانب و تترك بقية الصورة فاتحه فهذا بلا شك يخلق لديك إحساسا بعدم التوازن ، و بالتالي يؤدى إلى فقدان العمل الفني احد أهم ركائزه الأساسية. و لا توجد قواعد أساسيه أبدا لخلق التوازن .
الإيقاع الذي نشهده في الحياة بتعاقب الليل و النهار والحياة والموت ، يمكن أن نلمسه في الصورة (العمل الفني) ، عندما تنتقل أعيننا من عنصر إلى آخر فيها من دون تعثر أو ملل. والإيقاع يمكن تحديده على أنه تناوب منتظم لخط أو شكل ، وهذا التناوب الذي يجمع بين الوحدة والتغير ، يولد الحركة في الصورة و يبعد عنها الجمود.
و كثيرا ما يرتبط لفظ الإيقاع بمجالات مبهمة ، و تكون معانيه مرادفة للسرعة أو التناوب أو الزمن ، و أحيانا يكتسي شاعرية سطحية تزيد من غموض معناه. فالبعض يتكلم عن إيقاع المحبة ، و الآخر عن إيقاع الزمن أو إيقاع الرياح .. كل هذا أصبح معتادا عند الشعراء و الكتاب و حتى عند الصحفيين .. بحيث أن كل شيء أصبح في هذه الدنيا إيقاعا لدى البعض..
و الإيقاع هو أحد القيم الجمالية الهامة في شتى مجالات الفنون المختلفة ، و الكلام عنه بحر واسع ليس له شاطئ ، فهو نقطة جوهرية تعتبر إن جاز التعبير ارتكازا لشتى أنواع الفنون ، فالإيقاع (الترديد) في الفن التشكيلي يعرف بأنه الفواصل الزمنية التي تحتاجها العين للانتقال من لون إلى لون ، أو من شكل إلى اخر ؛ و نلاحظ الإيقاع في العمل الفني بتكرار الكتل أو المساحات التي هى بالأساس مكونة من وحدات ، إما أن تكون متماثلة في الشكل أو مختلفة ، و ربما تقترب من بعضها البعض ، أو أن تكون متباعدة.
و من المهم أن نعرف أن هناك عنصرين أساسين في الإيقاع :
- الوحدات : الجانب الايجابي ، و هي التي نعني بها الكتل.
- الفترات : الجانب السلبي ، و هي التي نعني بها المسافات بين تلك الكتل.
1- رتيب : و هو تكرار الذي تتشابه فيه جميع الوحدات و الفترات من حيث الحجم و المساحة و الشكل و الموقع و اللون.
2- غير رتيب : و هو الذي تتشكل فيه الوحدات معا بعضها البعض ، و تتشابه فيه الفترات ، و يأتي اختلاف الوحدات عن الفترات فيها شكلاً أو حجما أو لوناً.
3- إيقاع حر : و هو التكرار الذي يختلف فيه شكل الوحدات عن بعضها اختلافا تاما ، كما تختلف فيه الفترات عن بعضها كذلك ، و يقع على مرتبتين :
- إيقاع حر يحكمه ادارك فني عالي ، و تكون فيه الوحدات و الفترات مرتبة بشكل مقبول.
- إيقاع حر عشوائي ، و هو بالتأكيد واضح جدا من مسماه ، أي أن الوحدات و الفترات لا ترتبط برابط معين.
4- إيقاع متناقض : و هو تناقض حجم الوحدات تناقصا تدريجيا مع ثبات الفترات ، أو الاثنان معا.
5- إيقاع متزايد : و هو تزايد في حجم الوحدات تزايدا تدريجيا مع ثبات الفترات ، أو تزايد الفترات مع ثبات حجم الوحدات ، أو الاثنان معا.
يعتمد الفنان على قواعد المنظور ليظهر عمق الصورة ، و هذه القواعد توضح كيف أن جانبي الطريق يبدوان و كأنهما يلتقيان في نقطة التلاشي ( Vanishing Point ) ، على خط الأفق ( Horizon line ) يقع على مستوى النظر ( Eye Level ) على الرغم من أننا نعرف أن الطريق متماثل في العرض ، و كيف أن كل الخطوط الواقعة تحت مستوى النظر تجري إلى الأعلى نحو نقطة التلاشي ، فيما تنحدر كل الخطوط الواقعية فوق مستوى النظر إلى النقطة عينها ، و تصبح الأشجار والأشكال البشرية أصغر كلما ابتعدت عن النظر.
ويعد المنظور من الأخطاء التي يقع فيها المبتدئ ـ أحياناً ـ نتيجة جهله بقواعد المنظور ؛ فأبعاد الأجسام و اتجاهاتها لا تبدو على حقيقتها أثناء النظر إليها ، بل يطرأ عليها تغيير تناسب مع موقع الناظر إلى هذه الأجسام .
ويعرف المنظور بأنه تمثيل الأجسام المرئية على سطح منبسط ( اللوحة ) ، لا كما هي في الواقع ، و لكن كما تبدو لعين الناظر في وضع معين و على بعد معين.
إن المنظور كما تراه عين الإنسان هو ظاهرة بصرية تدخل في تعريفها عوامل فيزيولوجية و ضوئية ، فعندما ينظر الإنسان لجسم ما تتكون لديه صورتان لهذا الجسم تتطابقان لتعطيا صورة واحدة فيها ذلك الإحساس الذي يساعد على تقدير العمق.
تتلخص قواعد المنظور بما يلي :
- كل الخطوط المتوازية تلتقي عند نقطة معينة على خط الأفق.
- كل الخطوط المائلة تلتقي عند نقطة التلاشي على خط الأفق.
- تتقارب الخطوط العمودية كلما بعدت عن عين الناظر.
- تصغر السطوح العلوية كلما اقتربت من خط الأفق، و تكبر السطوح الجانبية كلما ابتعدت عن نقطة التلاشي.
خط الأفق هو المستقيم الأفقي الذي يقع على مستوى عين الناظر ، و هو يعلو و ينخفض وفقاً لعلو و انخفاض الناظر عن سطح الأرض.
للتأكد من ذلك ، هنالك طريقة بسيطة يمكنك تطبيقها بنفسك ؛ قف على الشاطئ في يوم صحو ، و أنظر باتجاه البحر حيث ستلاحظ أن السماء تلتقي مع الماء في خط مستقيم على مستوى عينك تماماً. إن هذا المستقيم هو خط الأفق. أخفض نفسك و سترى أن خط الأفق ينخفض مع انخفاضك فيما تكبر فسحة السماء و تتقلص فسحة الماء. بعدئذ ، اصعد إلى مرتفع قريب يسمح لك برؤية البحر من أعلى ، و ستلاحظ أن خط الأفق يصعد مع صعودك.
إن خط الأفق هو مستقيم تتابعه بعينيك و يجتاز المنظر المرئي من أوله إلى آخره . أما نقطة النظر ، التي تقع على خط الأفق ، فإنها تظل ثابتة تجاه عين الناظر.
بالنسبة إلى نقطة التلاشي ، فإنه من المعروف في فن المنظور أن الخطوط المتوازية و المائلة تلتقي كلها في نقطة واحدة ، و بما أننا نرغب في نقل هذه الخطوط إلى لوحة الرسم ، لذلك لا بد لنا من إيجاد هذه النقطة ، التي تتلاشى فيها الخطوط ، على خط الأفق.
إن نقطة التلاشي تسمح لنا بوضع الأشياء في مكانها الصحيح على اللوحة ؛ أي بإظهار بعدها الثالث سواء كنا ننظر إلى هذه الأشياء من الأمام أو من الجوانب أو من الأعلى.
تأطير العمل الفني وسيلة فعالة لحصر الموضوع المنتقى من الطبيعة و جذب اللإنتباه إليه ، و هو يتكون من أحد العناصر المرسومة في مقدمة الصورة كالأبواب و النوافذ و القناطر و الأشجار و قضبان الحديد المتعامدة.
ولابد أن يكون الإطار واضح المعلم حتى يمكن المشاهد من إدراك حقيقته ، فلا يصح مثلا ، رسم فرع شجرة من دون رسم جزعها الثابت في الأرض. كذلك لابد من أن يتوفر الفصل الواضح بين الإطار و الموضوع الأساسي ، و يتحقق ذلك بتجنب الأطر المعقدة ، و بتحاشي الخلط الناجم عن التشابه في الأضواء و الظلال ، فالموضوع هو جوهر الصورة ، و الإطار عامل مساعد من عوامل تكوينها.
و يستحسن البحث عن إطار شامل يحيط بالموضوع الأساسي ، فإذا تعذر ذلك ، يمكن استخدام إطار جزئي يحيط بأعلى الصورة و أحد جانبيها كفرع الشجرة مثلا. و هذا النوع من الأطر مفيد لملأ مساحة من السماء في الصورة ، أو لكسر حدة الاتساع في مقدمتها الخالية.
أما عن التأطير فى الرسم ( مرحلة الرسم ) ، فلا شك بأن كل ما نراه من حولنا في الطبيعة هي في الحقيقة أشكال متنوعة سواء كانوا بشر أو حيوانات أو نباتات أو جماد ؛ فكل هؤلاء يمكن أن نعتبرهم أشكال ، وهذه الأشكال هي في الحقيقة قريبة في أطرها الخارجية من الأشكال الهندسية السهلة الرسم ، لذلك كان من ضمن قواعد رسم الأشكال هو ( التأطير ) أي أن نبدأ بتأطير أي شكل نراه في الطبيعة بشكل هندسي ، و على سبيل المثال إذا كنا نريد أن نرسم وجه لشخص ؛ فما نقوم به في البداية و قبل كل شيء برسم حدود وجه هذا الشخص على شكل مستطيل يحفظ شكل الوجه من أن تضيع منه النسب .. ثم نقوم بتحديد أماكن العينين و الأنف و الفم و الأذن بخطوط أفقية و رأسية ، كما هو موضح في الشكل أدناه.
كذلك الحال بالنسبة لأي شكل نراه في الطبيعة فكثيراً ما يتساءل المبتدئ في الرسم : لماذا نؤطر الرسم و لا نجعل الورقة ذاتها إطاراً له ؟ و الجواب هو أننا بتأطيرنا للرسم نحدد المجال الذي سنتحرك ضمنه ؛ فالتأطير يسهل حساب القياسات أيضاً ، و يساعد على التدقيق في صحة تخطيط الشكل العام للرسم قبل الإنتقال إلى التفصيلات الموجودة فيه ، كما أنه يوفر النسب الصحيحة بين أجزاء الرسم نفسه من جهة و بين أرضية اللوحة من جهة أخرى.
إن أكثر الأجسام المرئية يمكن حصرها ضمن أشكال هندسية يسهل بواسطتها تخطيط النماذج التي نرغب في رسمها ، و مهما كانت أشكال الأجسام معقدة ، فإنه يمكننا تبسيطها و تأطيرها بأطر مختلفة ، و من البديهي القول بأن التأطير ، الذي يتناول الخطوط و الأشكال الأساسية ، ينبغي أن يكون متقناً منذ البداية لأن البداية السليمة تؤدي بالتأكيد إلى نتيجة سليمة.